الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الإرهـــــاب والتهريب والتجارة الموازية.. مثــلّـث رعـب يعصف ببنقردان

نشر في  07 سبتمبر 2016  (11:23)

تعيش مدينة بن قردان تطورات سريعة ومتصاعدة للوضع على خلفية مقتل شاب مهرّب بالمنطقة العسكرية العازلة على يد وحدات الجيش الوطني، ويذكر أن الاحتجاجات شهدت تصعيدا حيث عمد البعض من اهالي المنطقة الى غلق  بعض الطرقات وإضرام النار في الجرافات التابعة لشركة أفريقيا المكلفة بإنجاز الطريق السيارة، كما عمد المحتجون الى غلق الطرق المؤدية إلى المدينة من مداخلها الاربعة بهدف عزلها.
كما شهدت كل المؤسسات العمومية والخاصة بداية الاسبوع شللا تامّا وسط المدينة بعد خروج الأهالي في مسيرة جابت شوارع المدينة.
ونشير الى ان  الاتحاد المحلي للشغل دعا الى الدخول في إضراب عام بالجهة على خلفية تكرر الوفيات المسجلة في صفوف المهربين، وطالب الحكومة بتغيير اسلوب القتل المباشر لهذه الفئة من المجتمع.
ويذكر انه وعلى خلفية الاحتجاجات عقد بمقر معتمدية بنقردان اجتماع اشرف عليه والي الجهة ومعتمد بنقردان النائب الطاهر فضيل والكاتب العام لاتحاد الشغل ببنقردان وتم التعهّد بفتح تحقيق جدي حول ملابسات وفاة الشاب حسن المنصوري بالخندق العازل، كما تم التعهّد برفع المطالب من قبل المحتجين لرئاسة الحكومة وتحديد موعد لتلقي الاجابات
كما ستتم دراسة بعض الحلول لمشكل معبر راس الجدير لتسهيل تنقل التجار الممتهنين للتجارة الحدودية من جلب السلع و التعامل مع الجانب الليبي.
من جانبنا اتصلنا بنواب عن جهة مدنين، وحاولنا من خلالهم تسليط الضوء على حقيقة الوضع في بن قردان، كما كان لنا اتصال بخبير اقتصادي.

محمد الحامدي: بن قردان تختنق

في البداية اكد الأمين العام للتحالف الديمقراطي محمد الحامدي، أن المناطق الحدودية في اغلب دول العالم لها خصوصياتها  حيث تعوّل على التجارة البينية، ويتم التعامل فيها مع الواقع القائم وفق معادلة مركبة من الاقتصادي والاجتماعي والامني مما يسهّل المحافظة على ارزاق الناس وضمان مداخيل للدولة وحماية هذه المناطق من السلع الخطيرة كالاسلحة والمخدرات، مؤكدا ان الدول تعتبر هذه المناطق مناطق تبادل حر.
واضاف الحامدي انه لا وجود لحل لسكان الجنوب الشرقي وسكان الشمال الغربي خاصة في انعدام القدرة على تمويل مشاريع ذات قدرة تشغيلية عالية الا بمثل هذا التوجه الذي ينظم هذه التجارة التي تعيش عليها هذه المناطق لعقود طويلة، واضاف ان الدولة التونسية برهنت عن عجزها منذ الستينات على توفير موارد رزق لهذه المناطق، من جهة اخرى اقامت  المناطق العازلة وخنقت المدن الحدودية مؤكدا ان مطاردة المواطنين وكأنهم من عتاة المجرمين لن يؤدي الا الى انفجارات اجتماعية.
وافادنا الحامدي انه لا بدّ من تقنين المعاملات في الجنوب بدل اقامة المناطق العازلة، ولا بدّ للدولة من جعل بن قردان وتطاوين ومناطق الجنوب عامة وايضا الشمال الغربي مناطق تبادل حر، تدر الاموال على الدولة وعلى الشعب وتقلص من التهريب و«الكونترا»..

طاهر فضيل:  ما يحصل في بن قردان ليس وليد اللحظة  

وفي حديث جمعنا مع  النائب الطاهر فضيل اصيل منطقة بن قردان، افادنا ان ما يحصل في بن قردان ليس وليد اللحظة بل هو حصيلة عديد التراكمات وسنوات من التهميش، مضيفا ان ما تعيشه بن قردان اليوم سبق وتم التنبيه اليه بشكل رسمي وغير رسمي كما تمت المطالبة بايلاء الجهة اهمية خاصة في انتظار وصول قطار التنمية وبعث المشاريع الكبرى وذلك لامتصاص تضخم نسبة البطالة في الجهة ..
وذكر الطاهر فضيل ان بن قردان تعيش معضلتين، أولاهما معبر راس الجدير الذي تم غلقه من الجهة الليبية نتيجة النزاعات الداخلية وهو ما اثر حسب محدثنا في الحياة اليومية لاهالي بن قردان، أما المعضلة الثانية فتتمثل في الساتر الترابي، حيث ذكر ان ضحايا هذا الساتر من المهربين قارب ال51 قتيلا، مؤكدا ان المهربين يعمدون الى الساتر الترابي من اجل تهريب المحروقات وغيرها من البضائع، في المقابل تقابل الوحدات العسكرية بالرصاص مباشرة، مؤكدا ان توجيه السلاح نحو مواطن تونسي امر مرفوض لان جل هؤلاء المهربين لا يمثلون خطرا على الامن القومي ولا يستهدفون استقرار تونس، مستشهدا باحداث 7 مارس الفارط، وكيف ساعد المهربون الوحدات العسكرية في الاطاحة بالعناصر الارهابية مؤكدا ان هذه الفئة من المجتمع ليسوا اعداء الوطن، ويجب ايجاد حل في التعامل معهم عوض رميهم بالرصاص، واشار الى ان اطلاق الرصاص والتصدي للمهربين يجب ان يكون وفق تدرج اي اطلاق النار في الهواء والمطاردة في صورة عدم الامتثال وعدم اللجوء الى الحل الاسهل وهو القتل، مؤكدا ان الوحدات  الأمنية والعسكرية مطالبة في اقصى الحالات بعدم قتل الارهابي بل القاء القبض عليه والظفر بمعلومات ..
من جهة اخرى ذكر محدثنا ان اهالي بن قردان يعتمدون بالاساس على التجارة الموازية وهي مورد رزقهم الوحيد مؤكدا ان كبار المهربين معروفون وهؤلاء في امان، أما البقية ويمثلون 99 بالمائة من اهالي المنطقة فهم تجار يعمدون الى ادخال سلع وبضائع حيوية .
وختم محدثنا كلامه بالقول ان المعادلة في بن قردان صعبة جدا فمن جهة هناك توفير الامن الغذائي وموارد الرزق ومن جهة اخرى نجد حماية تراب الوطن، مضيفا ان التعامل مع اهالي الجهة يجب ان يكون وفق مقاييس تضمن سلامتهم في انتظار تحقيق التنمية ..

لخضر بالهوشات: الجوع أو الموت

أما النائب عن حركة النهضة لخضر بالهوشات فأكد ان الدولة التونسية تجاهلت وعلى مدار عقود ولاية مدنين وبالاخص بن قردان وهو ما دفع اهالي الجهة الى التعويل على معبر راس الجدير كحل يقيهم الجوع ويوفر لهم لقمة العيش خاصة امام اصرار الدولة على عدم الاهتمام بهذه المناطق، مؤكدا ان الاوضاع تغيرت اليوم نظرا لما تعيشه ليبيا من ازمات ورغم ذلك يخاطر اهالي المنطقة بحياتهم من اجل توفير لقمة عيشهم  وذلك نتيجة عدم توفير البديل لهم ..
واكد محدثنا ان اهالي بن قردان أمام معادلة صعبة اليوم فاما الموت جوعا او الموت بالرصاص مؤكدا ان العنف غير مبرر خاصة امام انعدام الحلول، مضيفا ان الدولة التونسية هي من عودت الاهالي على هذا النمط من الحياة واليوم تضعهم امام خيارين فاما الجوع او الموت دون سعيها لتوفير مواطن شغل، وختم حديثه بتوجيه رسالة مفادها ان تغيير نمط حياة اهالي الجنوب بعد عقود يستوجب توفير البديل لا الرصاص..  

الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي:السوق الحرة هي الحلّ

من جهته افادنا الاستاذ الجامعي في الاقتصاد ورئيس مركز البحوث الاقتصادية سابقا رضا الشكندالي ان مناطق الجنوب تعيش اساسا من القطاع الموازي، وذلك لان الاقتصاد المنظم لم يجد حظّه في تلك الجهات، وذكر ان الاشكال يكمن في ان الاقتصاد الموازي تتخلله اليوم عمليات التهريب ولذلك طالبت عديد الاطراف بضرورة التقليص من حجم الاقتصادي الموازي وخاصة الجزء المتعلق بالتهريب، على حد تعبيره .  
واكد محدثنا انه وحسب دراسة أعدها المعهد الوطني للإحصاء، فإن 75% من فرص الشغل في الجنوب جاءت عن طريق التجارة الموازية. علما و المنتفعين من هذه التجارة شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، وبالتالي لا بد حسب محدثنا من الابقاء على هذه التجارة مع التقليص من حجم التهريب، وذلك بانشاء منطقة حرة ببن قردان، لا يسدد فيها هؤلاء الشباب الأداءات لانها تثقل كاهلهم وتدعوهم الى اللجوء للتهريب، من جهة اخرى اكد ان السوق الحرة قد تفتح الباب امام تهريب العملة الصعبة وبالتالي على البنك المركزي تنظيم هذه العملية والاشراف على المبادلات داخل هذه السوق او من خلال تغيير العملة بورقات خاصة بالتبادل مضيفا ان هذا الحل يتطلب دولة قوية تمنع عمليات بيع العملة بين الاقراد بطريقة مباشرة .

وزارة الدفاع توضّح

وفي اتصال بممثل عن وزارة الدفاع مدنا بوثائق وبلاغات تؤكد ان الوحدات العسكرية تعمد الى اطلاق النار نتيجة عدم امتثال الاشخاص، وان اطلاق النار يتم عبر التدرج وليس بطريقة عشوائية، وان كل من يمتثل لاوامر الوحدات يتم ايقافه وتسليمه الى الوحدات الامنية التي تتخذ في شأنه القرار اللازم .. كما جاء في بلاغ بتاريخ 10 أوت 2016 ان بعض المهربين  يعمدون الى إستئجار عناصر مسلحة تقوم بمرافقتهم أثناء دخولهم التراب التونسي، لتوفر لهم الحماية بإستعمال السلاح ضد وحدات الجيش الوطني لمنعها من التقدم لحجز سيارت التهريب.
وفي هذا الإطار، فإن مختلف التشكيلات العاملة بالمنطقة العسكرية العازلة لن تتوانى في تطبيق القانون بما في ذلك إستعمال الذخيرة الحية ضد كل من يرفض الإمتثال لتعليمات التوقف أو يقوم بعمل عدواني تجاهها.
وبخصوص حادثة 3 سبتمبر اكدت الوزارة ان دورية عسكرية عاملة بالمنطقة العسكرية العازلة قطاع بنقردان  تصدت على مستوى الساتر الترابي، حوالي الساعة 5:30 إلى7 سيارات تهريب، 3 منها قادمة من التراب الليبي. وبإقتراب التشكيلة العسكرية، لم تمتثل المجموعة إلى تعليمات التوقف وإلى العيارات التحذيرية التي تم إطلاقها في الهواء، وقام المهربون القادمون من ليبيا برد الفعل وتبادل إطلاق النار مع الدورية قبل العودة إلى التراب الليبي.فيما رجعت 3 سيارات تهريب تونسية إلى مدينة بنقردان وبقيت واحدة على عين المكان. وبتفتيشها تبين أنها بدون لوحات منجمية وبدون وثائق ومحملة بسلع مهربة من ليبيا وأدوية تونسية، وعلى متنها شخصان بدون وثائق هوية أحدهما مصاب بطلق ناري فيما صرح مرافقه بأنهما تونسيان. تم نقل المصاب إلى مستشفى بنقردان إلا أنه توفي هناك.
وذكرت وزارة الدفاع الوطني بأن الدخول إلى المنطقة العسكرية العازلة منظم في إطار قانوني ويخضع إلى ترخيص مسبق وكل مخالف يتحمل تبعات ذلك. وحفاظا على أرواح المواطنين، تطلب منهم الإبتعاد عن التصرفات المشبوهة والإمتثال لتعليمات التوقف الصادرة عن الدوريات العسكرية والأمنية العاملة بالمنطقة حتى لا تضطرها إلى إستعمال السلاح لإجبارهم على التوقف.

ملف من اعداد: سناء الماجري